كلام في الصميم ياوزرتنا المبجله .!!!

وزارة التربية تغلق أذنيها
وزارة التربية والتعليم انتهجت نظرية تقديم العربة على الحصان؛ لذا من المتوقع أن سيرها سيكون مختلاً غير متوازن، والعربة حتماً ستكون قابلة للتعثر. ويمكن الاستدلال على ذلك بتلك الخطوة الرائعة والجميلة لتطوير المناهج، إلا أن ذلك غير كافٍ أبداً بوجود معلِّم لم يظفر بدورات تدريبية وتأهيلية سوى أيام محدودة، هنا مكمن الخلل! مقررات صُرف عليها مبالغ باهظة، وتمت الاستعانة بالكثيرين من الخبراء التربويين، وطُوِّرت لتخرج من ربقة الحفظ والتلقين إلى تنمية مهارات التفكير، وتنويع طرائق التدريس، وخصوصاً الحديثة، التي تُفعِّل دور الطالب، وتجعله محوراً أساسياً في العملية التعليمية والتربوية.

ماذا عملت الوزارة بالمعلمين؟ من خلال رؤية استطلاعية نلحظ أن الكثيرين من معلمي المرحلة الابتدائية غير مختصين؛ حيث يمكن لمعلِّم التربية الفنية تدريس مواد التربية الإسلامية، وهكذا يتم عجن المواد بدقيق غير مستوفي الماء!
الوزارة لم تستطع أن تضع حلاً لترهل بعض التخصصات في بعض مدارس المرحلة الابتدائية؛ فيمكنك أن تجد معلمين ثلاثة للغة العربية في مدرسة واحدة، في حين لا تجد معلماً مختصاً في التربية الإسلامية في المدرسة ذاتها أو الرياضيات، هذه الإشكالية لم تتمكن وزارة التربية من حلها؛ لذا ستظل مسيرة التعليم عرجاء؛ ما ينعكس سلباً على نسبة المخرجات.

"المنهج المطوَّر" – كما قلنا – عالي المستوى.. وما فائدته في ظل وجود معلِّم يحتاج إلى تنمية مهنية عالية، وخصوصاً في المرحلة الابتدائية؟
يُشاع في الوسط الاجتماعي أن الوزارة أقفلت أذنيها عما يحدث حولها. في ظني أن وزارة التربية تحتاج إلى أذنين واسعتين ومرهفتين؛ لتسمع ما يتحدث عنه الآخرون، مثلما تحتاج جامعة الملك سعود – على حد كلام الدكتور عبد الله الغذامي – إلى مرايا؛ كي لا تتعرض لمفاجآت الطريق؛ لأن السير إلى الأمام دون الالتفات إلى الجانبين أو الخلف حتماً سيؤدي إلى حادث مروري.

صم الآذان دون الاستماع إلى الملاحظات والاقتراحات أيضاً مشكلة. أظن أن عدم حضور المعلمين في يوم الاحتفاء بهم بمناسبة عام المعلِّم أحد أهم المؤشرات بعدم رضا المعلمين عن وزارتهم.
الوزارة ما زالت مستمرة في إطعام الطلاب أسماكاً بدلاً من تعليمهم كيف يصطادونها؛ والنتيجة حتماً هي مخرجات من الطلاب الخاملين غير المنتجين المصابين بأنيميا في مهارات التفكير؛ فماذا تتوقع من طالب خامل غير نشط؟ حتماً ستكون النتيجة مؤلمة ومخيبة أيضاً.

في فترة سابقة تمت المناداة بضرورة حصول المعلم على رخصة تدريس، مثله مثل الطبيب والمهندس وأي مهنة أخرى، وهذه الرخصة قابلة للاستمرار أو السحب بعد خضوع المعلِّم لاختبارات مقننة ومحاكاة محددة ذات علاقة بإجادته طرق التدريس، ومعرفته خصائص الطلاب، وتمكُّنه من توظيف التقنية الحديثة، وتمكُّنه من التواصل، وغيرها من كفايات المعلم الناجح المثمر المفيد.

إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث؛ فالمعلِّم ضَمِن العلاوة السنوية؛ لذا تعادل الاثنان "المعلِّم النشط المطوِّر لذاته والمعلِّم الذي يقدِّم صحن تدريسه اليومي دون مقبلات فتصبح (شامزة) مُنفرة غير مستحبة"..
ما زال كثير من المعلمين يستأثرون بالمساحة الزمنية للحصة وكأنها ملكهم، ونسوا أن هناك ما يزيد أو يقل عن ثلاثين طالباً لهم الحق في الحوار والوصول إلى حلول المشكلات والبحث عن المعلومة، وخصوصاً أن دور معلّم اليوم ليس كدور معلّم الأمس.. صحيح أن معلّم الأمس كان المرجع الأساس في تقديم المعلومة حين كان المقرر الدراسي هو "الأُس" في العملية التعليمية والتعلمية، إلا أن المقرر أصبح الآن "مسكيناً" أمام ثورة المعلومات.

نستطيع القول إن الطالب ربما يصل إلى معلومة من خلال صفحات الإنترنت قبل أن يصل إليها معلِّمه، بل قبل أن يصل إليها وزيره.. هكذا فعلت بنا وسائل التقنية الحديثة والاتصال السريعة. والمشكلة لا تكمن في قلة المعلومات.. المشكلة في وفرتها، ومن ثم استخلاص المناسب منها.

نأمل من وزارتنا الكريمة أن تفتح أذنيها جيداً، وتستمع إلى جميع الملحوظات والانتقادات حتى لو كانت حادة، وتضعها على مائدة النقاش الواعي وصولاً إلى حلول جذرية؛ من أجل الارتقاء بالتربية والتعليم؛ فالثورة الحضارية التي تشهدها دول العالم أساسها التعليم.. ثم التعليم.. ثم التعليم.
أليس كذلك يا وزارتنا المبجلة؟..
*
جمعان الكرت
عضو المجلس العالمي للصحافة