الإحسان ومراحل الجودة الشاملة

السلام عليكم ورحمتة وبركاتة

الإحسان ومراحل الجودة الشاملة

الإنسان المسلم يفترض فيه أن تكون شخصيته إيجابية، مقبلة على الحياة،
لا يصل إليها إلا بالعمل الجاد. لذلك كانت مطالبة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتقن الإنسان عمله: ((إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه))1 فالإتقان سمة أساسية في الشخصية المسلمة
هناك علاقة متداخلة بين الإتقان والإحسان غير أن الإتقان عمل يتعلق بالمهارات التي يكتسبها الإنسان بينما الإحسان قوة داخلية تتربى في كيان المسلم، وتتعلق في ضميره وتترجم إلى مهارة يدوية أيضاً، فالإحسان أشمل وأعم دلالة من الإتقان،إن الإحسان دعوة إلى إيجاد الشخصية المثلى، الشخصية التي اتجهت حركة المجتمع وجهود التربية إلى إيجادها،
يقول تعالى: (وقولوا للناس حسنا) البقرة83 وللوصول إلى شخصية المسلم التي تحققت فيه معاني الإحسان نرى أن الأمر يحتاج إلى مجاهدة شديدة للنفس تتحقق فيها كثير من الصفات، منها قول الله تعالى: (الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)آل عمران 134
مجتمعنا يحتاج إلى تغيير جذري في مفاهيم العمل وأهمية الإنتاج ويحتاج إلى تعليم مكثف لأهمية الإتقان لكل عمل يقوم به، فيجب أن نتعلم من ديننا وتربيتنا الأسرية والمدرسية والحياتية أن تقوم على أهمية العمل، وتكد وتجتهد وتبني في الحياة مفاهيم تفرق بين التكافل كقيمة حياتية، والتواكل والتكاسل كعيوب سلوكية في أساليب العمل.
و المجتمع المتعلم هو المجتمع الذي يبشر بالحضارة والرفاهية والنظام والتخطيط والإنتاج والازدهار، وهو المجتمع المعصوم من الفوضى والتسيب، والمبرأ من الأمية والجهل والخرافة، وكل مظاهر التخلف الحضاري والعلمي، وهو المجتمع الذي يربط الأسباب بالمسببات، والنتائج بالمقدمات، ويكتشف قوانين الله في الكون، ويحسن التعامل معها والاستفادة منها، وأول آيات الوحي كانت دعوة إلى المجتمع المتعلم المعتمد على المنهج العلمي.
والمنهج العلمي الذي أصله المسلمون وعممه علماء الحديث، وقبل ذلك وضع أساسه القرآن الكريم هذا المنهج هو الذي أوجد مجتمع العلم والحضارة وكان سر التقدم وبناء العقلية المسلمة على منهجية العلم والإيمان.
ولكي يكون هناك إحسان لابد من ضبط شروط الإحسان إلا وهي
موافقة العمل للكتاب والسنة
أن يكون العمل خالصاً لوجه الله
إن لله عملاً بالليل لا يقبله بالنهار والعكس
مراقبة الله تعالي عند القيام بالعمل
الشرط الأول: ألا يكون العمل خارجاً عن الكتاب أو السنة:
كان سيدنا عمر رضي الله عنه يقول: اللهم إني أسألك من العمل أخلصه وأصوبه، قالوا: ما أخلصه وما أصوبه يا أمير المؤمنين؟ قال رضي الله عنه: أخلصه ما كان خالصاً لوجه الله عز وجل، وأصوبه ما كان على الكتاب والسنة، أي يمكن أن يكون العمل خالصاً، ولكن ليس صواباً، ويمكن أن يكون صواباً ولكن ليس خالصاً. إذاً: العمل لابد فيه من شروط:أولاً: أن يكون على منهاج الكتاب والسنة، وهنالك أناس يحبون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لكنهم لا يحسنون العمل،
الشرط الثاني: أن يكون العمل خالصاً لوجه الله إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)، أبو موسى الأشعري عندما سلم من الصلاة وجد الحبيب صلى الله عليه وسلم جالساً وراءه وهو يصلي تحية المسجد، قال: وأسمعتني يا رسول الله! قال: (منذ أن بدأت يا أبا موسى ، والذي بعثني بالحق نبياً لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود)،
الشرط الثالث في الإحسان في العمل: أن الله عز وجل له عمل بالليل لا يقبله بالنهار، وله عمل بالنهار لا يقبله بالليل، مثلما أوصى أبو بكر عمر رضي الله عنهما في وصيته، يعني: هل ينفع أن شخصاً يصوم في رمضان بالليل ويفطر بالنهار؟ هل يصح أن أحداً يصلي الصبح بعد صلاة العصر؟إذاً: الله له عمل محدد، الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً، الزكاة لا تخرج صدقة، والصدقة لا تحسب زكاة، والصدقة الجارية شيء، وكفارة الأيمان شيء آخر، والنذر شيء ثالث، وزكاة الفطر شيء رابع.. إذاً كل هذه الأشياء لها حدود وقانون، وأنا أقول لك دائماً: الذي جعل للكرة
قانوناً فهل الدين ليس له قانون؟ أليست الكرة لها ملعب خاص بها، ولها مرمى طوله كذا.. وارتفاعه كذا.. فهذه مواصفات عالمية
الشرط الرابع في الإحسان في العمل: أن يعتقد العبد وهو يعمل أن الله يراه
وهذا هو الإحسان الحق إن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك
هنا الجودة هنا الإحسان فماهي الي سلسلة متتابعة فالجودة ثم الإتقان ثم الإحسان
فالجودة الشاملة التي وصلتنا من الأمم المتقدمة ماهي إلا عتبه باب الإحسان وأول خطواته
معا أخي وأختي العاملين والعاملات في مجالنا الحيوي مجال التربية والتعليم للعمل بالجودة وشروطها وضوابطها للوصول إلى الإتقان ثم الإحسان فأن تعمل تحت مظلة الخوف من الرقيب الخالق لاالخوف من الرقيب البشري هنا نصل إلى خلية عمل متقنه من الجهود الموحدة والإصلاح الداخلي والخارجي حتى وصول إلى مرحلة الكمال البشري

بقلم رئيسة قسم الجودة بمحافظة عفيف
أ/منير عقاب الروقي

</b></i>


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.