وإن كان المعلم لدى أولئك القوم ينعم بذلك الرضا الذي ساهم بشكل كبير في زيادة كفاءته وإنتاجيته.. مما انعكس على النهضة الشاملة التي تعيشها تلك الدول.. فمحلياً لا يبدو الأمر كذلك.. فعلى الرغم من الطفرة الاقتصادية الضخمة التي تعيشها بلادنا ولله الحمد في ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين حفظه الله.. الذي أمر بضخ المليارات بلا حدود لقطاع التعليم لإيمانه -حفظه الله- بأهمية التعليم كشرط رئيس من شروط النهوض.. لازالت قضية المعلمين المعينين على مستويات أقل من مستوياتهم التي يستحقونها تشغل حيزاً كبيراً من تفكير أولئك المعلمين.. وتعطل جزءاً أكبر من قدراتهم وإبداعاتهم.. ولتزداد هذه المشكلة عمقاً وتأثيراً مع الارتفاع المطّرد للأسعار.. والذي أصبح حديث كل المجالس اليوم.
موضوع مقال اليوم مقتبس من عدة رسائل تلقيتها هذا الأسبوع -عبر البريد الإلكتروني- من بعض هؤلاء المعلمين.. الذين يزداد لديهم الشعور بعدم الرضا الوظيفي كلما تقدمت سنين خدمتهم.. وكلما زادت مسؤولياتهم الاجتماعية.. فقد كانت سطور رسائلهم تنضح بالأسى والمرارة والحنق وهم يتحدثون عن مشكلتهم المزمنة.. يقول أحدهم: “إن المعلمين الجامعيين كانوا يعينون في السابق على المستوى الخامس براتب يصل إلى 6974 ريالاً.. وعلاوة سنوية مقدارها 440 ريالاً.. أما اليوم فالمعلم الجامعي -وان حصل على دبلوم عالٍ- يعيّن على المستوى الثاني براتب 4040 ريالاً وعلاوة سنوية قدرها 280 ريالاً، فانظر إلى الفرق.. الذي نعتقد بأن المسؤولين يرونه بسيطا، ونراه كبيرا.. بل وقاتلاً للشباب في بداية حياتهم العملية والاجتماعية.. فهذا المبلغ لا يكاد يسد الحاجات الشخصية والأساسية للمعلم.. فكيف له أن يستعد لتبعات الحياة المستقبلية الكبيرة؟
إن مصطلح الرضا الوظيفي يعني الحالة التي يصل فيها الموظف إلى التكامل مع عمله والتفاعل مع وظيفته من خلال رغبته في التقدم والنمو وسعيه إلى تحقيق أهدافه وزيادة إنتاجيته.. وقد أظهرت دراسة قام بها د. عبدالعزيز العبد الجبار الأستاذ بجامعة الملك سعود وجود فروق ذات دلالات إحصائية في اختلاف مدى الرضا الوظيفي للمعلمين باختلاف دخلهم المادي.. كما أثبت العديد من الدراسات والتجارب أن أي إصلاح إداري يجب أن يرتكز في المقام الأول على دعامتين متزامنتين هما تطوير الكفاءة المهنية وتحسين الأوضاع المادية من خلال إصلاح هياكل الأجور المختلفة, ولا يمكن أن تكون هناك مواجهة فعالة للفساد في غير الإصلاح الإداري بشقيه، فالموظف إن لم يحصل على احتياجه الإنساني من دخله الرسمي من وظيفته، فهذا ولاشك سيفتح باباً من أبواب الفساد الإداري.. لتختل بذلك كل عناصر منظومة العمل الأخرى.
مقال من جريده المدنيه