السّلام عليكم و رحمةُ الله و بركاته ،
هناك الكثيرون الذين تخرّجوا من مدرسة الضّياع بعد أن قبعوا فيها سنيناً طويلة ، فالتمسوا جادّة الطّريق ، واتّبعوا أوّل فرصة حينما بزغ لهم أول شعاع النّور ، فكان للضّمير فيهم مؤَذِّناً ، وكلّما تقدّموا خطوة زاد ارتفاع الآذان ، ليس بالتّكبير و ما يتبعه من كلمات التّوحيد و التّشهد ، بل بكلمات أخرى على مقاس ( كُفّ يا هذا ) ، و ( التزم يا أنت )
في داخل كلّ نفس مؤذّن ، لايستطيع أحد أن يحسب عدد ما أذّن به ، و لم يكن للتّوقيت مكانٌ فيه ، بل يكون بعد الهفوة و بعد الذّنب ، فيُسارع المرءُ للتّوبة و الاستغفار عن ذلك الفعل فيُبادر إلى الطّهارة ليس باسباغ الوضوء و لكن بنهمار الدّمع من العين ، فيكون ماؤها المالح أشدّ فتكا بتلك الجراثيم العالقة بين رموش بصيرته فتنزحاح من عليها تلك الغشاوة ، و يصرف روحه من فضاءات الرّذيلة و الموبقات الضّيق المرير إلى فضاء رحبٍ كلّه أنوار .
نداءُ الضّمير كآذان الفجر الذي يوقظك من سُباتك العميق الذي تملؤه تلك الأحلام الوردية التي يُخرجها الشّيطان في سيناريوهات متعدّدة أبطالها أنت ، وهذا ، وذاك ، و تلك ..
فالله أكبر .. تنطلق صادحة مُنبهّة لك أن أفق يا هذا فالعمر يجري و سينتهي بك فاغتنم !!
الله أكبر ..ثُرْ على كسلك و تراخيك
الله أكبر .. صوتُ خالقك يُناديك ، عبدي دع تلك و تقرّب تجد عندي ما هو أطيب
أشهدُ أن لاإله إلاّ الذي منحك العقل الذي ميّزك عن باقي مخلوقاته فكان من أروع النّعم و أجلّها
أشهد أنّ محمداً خيْرُ من نصحك ، و وجّهك ، وكان رؤوفاً بك و هو أفضل من علّمك و سيُعلّمك.
حيّ.. على تهذيب النّفس ، حيّ على فعل الخيرات
حيّ .. على الرّبح العظيم و الفوز الكريم .
مع كلّ وخزة ضمير صاحٍ يكون آذان لا يُكتم صوتهُ أبدا ، لأنّه حقّ و صوتُ الحقّ لا يُكتمُ أبداً
فصوتُ الآذان في داخلك هو الحبلُ السُّري الذي يصل سماءك بأرضك ، و يصلك بخالقك ، فيكون مدداً لك بإكسير الحياة.
تلك قصّة الآذان الذي يصدرُ من ضميرك ، فهلاّ لبيت آذان الضّمير ؟
لا عدمنا جديدك المميز