" متى تشعر أنّك إنسان سيّء لدرجة مقيتة للغاية و متى تشعر أنهم كذلكـ ؟! ] ،،

حينها تمنّى صديقنا لو تنشق الأرض و تبتلعه للأبد بلا رجعة و لا أن يجد نفسه في هذا الموقف المحرج جداً
صديقنا الآن و منذ ذلك الحين أصبح مسالماً و عداواتهـ و إن استلزم الأمر بعض الغضب لا يُدخل فيها والد ذلك الشخص و لا والدته و لا أي فرد من أفراد أسرتهـ ..

أما ذلك الطفل الصغير فقد عاد من مدرسته و في مقلتيه شلالاً من الدموع لم ينضب لأيامٍ عديدة
فقد صرخ به معلمه صباحاً : " إنت أهلك ماربّوك ياقليل الأدب "
و قلب صغيرنا الملتهب يتلوّع حسرة – ليته عندي أهل حتى لو ما ربوني أنا راضي ، ليته عندي أبو يربيني بسياط الجلادين و ليته عندي أم تكويني بالنار .. يا أستاذي أنا يتييييم –

يسألنا صديقُ عزيز عن أمرٍ مـا و نجيبه مازحين : " وش دخل أمكـ !! " ، و – أمه – بكل تأكيد مالها أي دخل
لأنها توفّيت منذ ( ثلاث ، أربع ، خمس ، …. ) سنوات و تركت صديقك العزيز وحيداً لا يجيد بعد رحيلها سوى البكاء و استرجاع الذكريات ..

و ليس من الضروري جداً أن يكون جواب أحدهم لك مهذباً لبقاً بعد أن قمت بالإساءة إلى أعز الناس له
و ليس من الضروري أيضاً أن يكون من شتمته متوفياً حتى تستثير مشاعر من أسأت له

،

موقف آخر ..
أنتَ طالب في سنتكـ الأولى الجامعية .. و في اجتماع خاص مع رفاق الثانوية و المتوسطة أو حتى رفاق الحي
جلستم تتجاذبون أطراف الحديث عن حياتكم الجامعية الجديدة و نظام الكلية و صعوبة المواد و أساليب أعضاء هيئة التدريس … إلخ
و لأنكـ مُهمل .. غفلتَ أن صديقكـ فلان القاعد بينكم الآن لم يستطع الإلتحاق بأي جامعة لـ ( ظروف مادية – صحية -لم يُوفق في القبول … إلخ )
و لم تتذكّر هذا الأمر إلا بعد أن انفضّت الجلسة بمن فيها و رحل ذلك الزميل و قلبه محمّل بالآلام بعد أن أشعرتهـ بأنهـ أصبح مختلفاً عنكم ..

أو مثلا تبدأ الحديث مع رفاقكـ عن نزهاتكم الأسرية و اجتماعاتكم العائلية
و بينكم فلان من الناس تغرّب عن أهلهـ [ شهور – سنوات ] عديدة لظروف دراسته أو عملهـ

و شخصياً كنتُ ذات يوم في إحدى المنتزهات و أردت أن أقفز من فوق السور الصغير حتى أكون في الجهة المقابلة
و قبل أن أقفز أبصرتُ رجلا قعيداً على كرسيه المتحرك أمامي .. فخشيتُ أن قفزتي أمامه متجاوزا السور بكل بساطة مؤلمة له كونه قعيد
فذهبت إلى مكان بعيد أتجاوز من خلاله ذلك السور بعيداً عن ذلك الرجل ..

،

يأتيكَ فلان من الناس مرهف الحس .. رقيق جداً .. نسيم الهواء يجرح محيّاه الغض الطري ( رغم أن مظهره لا يوحي بذلك )
فهو ربما بدين .. أو .. أسود البشرة .. أو .. ذو هيئة متواضعة .. لكن المظهر شيء و المشاعر و الأحاسيس شيء آخر ..
يأتيكـ و هو يريد جوابا مطمئناً لأن إبليس حاكَ قلبهـ و صوّر لهـ أنّكـ لا تلقي له بالاً و لا تهتم لأمره كثيراً ..
يسألكـ : " فلان تحبني ؟ " .. فتظنه يمزح بهذا السؤال فترد : " لا " أو " حبّتك القرادة " أو " حبّك برص " أو تلقي بطرفة أو جواب لا يشفي ما بقلبهـ الواهم ..
و لو كان جوابكـ : " ايه أكيد أحبك إنت أخ عزيز و غالي و لك قدر عالي " أو حتى على سبيل المزاح : " إذا ما حبيتك بحب مين يعني ! " لأرحت قلبه و قطعت أي سبيل للوساوس التي تداهم قلبهـ المرهف المتقلّب ..

و قد يكون أحدهم زميلكـ منذ الطفولة " و على قولتهم " الميانة بينك و بينهـ طايحة ع الآخر ..
و مع ذلك تظن أنتَ أنّ هذا الأمر يسوّل لكـ أن تستهزئ به و تسخر منهـ دائما أمام الناس بحجة أنهـ صديقك و " الميانة طايحة "
و لا تهتم بمشاعره و لا حتى بأموره و تكون جافاً بعض الشيء معه على سبيل المزاح في حديثكـ و كلماتكـ و أسلوب خطابكـ معهـ
و على هكذا تبرد تلك الصداقة شيئا فشيئا حتى تتقطّع أواصرهـا و السبب أشياء صغيرة تجمّعت على مدى سنوات سابقة ..

،

– حاول أن تبتعد في حديثكـ و نقاشاتك عن ما يستثير جراح أحدهم و إن كان موضوع النقاش أو الحديث طبيعياً جداً .

– التمس العذر لصديقكـ إن كنتَ بالفعل تعتبره صديق لكـ .