أنت تبحث عن الشهرة على حساب المدرسين
عبدالله مسعود آل حامد
اطلعت على جريدة «الرياض» يوم الخميس 29/3/ه في عددها رقم 14885 للمعلم عبدالله بن محمد التميمي والذي أعتقد أنه إنما أراد به الشهرة والذيوع بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى وكما قيل (خالف تُعرف) لأنه بدلاً من أن يطالب بالتأمين الطبي للمعلمين الذين هم أكثر عرضة للأمراض من غيرهم جراء التعب النفسي والجسدي منذ بداية دخول المدرسة وحتى الخروج منها إلا أنه طالب بدوام آخر.. على أن المعلم يأخذ من وقته في المنزل للتحضير الذهني والكتابي..
علماً بأن المختصين يعلمون أن الطالب الذي لا يراجع ما فهمه مع المعلم ولا يهتم البيت بذلك فإنه لا يجدي معه دوام ثان أو عاشر..
وهذه الإجازة التي لا تكاد تفي بصفاء رأس ونفس المعلم من صخب المدرسة وضغوطها والتي لا يختار المعلم وقتها كغيره من الموظفين بل هي محددة له فإن الكاتب يطالب بتقليصها.
والراتب الذي لا يكاد يفي بمصاريف العلاج والإيجار في ظل هذه الظروف المعيشية التي يعلمها الجميع فإنه يستكثره على المعلم..
إلا إذا كان الزميل التميمي من هذه الفئة التي ذكرها وعممها على الجميع في لفتته التعميمية.
إن من جرب وظيفة التعليم وجرب غيرها من الوظائف الحكومية يعلم أن هذا الراتب والعلاوة للمعلم لم توضع عبثاً وإنما بحكمة من ولاة الأمر والمسؤولين لعلمهم بعظم المسؤولية ومشقتها وما يصاحبها من تعب نفسي وجسمي والذي تزايد بعد تمرد أكثر الطلاب لأمنهم العقوبة ولا أعني بذلك (الضرب).. وما زاد من هذا التمرد أىضاً ما ينشره بعض المنتسبين للصحافة من قصص ضرب أحد المعلمين لطالب وقد يكون الخبر غير موثوق لأننا لم نقرأ رأي الطرف الآخر وهو المعلم وكما قال علي رضي الله عنه: (إذا جاءك رجل فقد فقئت عينه فلا تحكم له فقد يكون الآخر قد فقئت عيناه)، وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) وحتى وإن كان صحيحاً فإنه لا يمثل إلا هذا المعلم المعتدي وفي نشر هذه الأخبار ضياع لهيبة المعلم واحترامه والتي تؤثر على تحصيلي الطالب وفائدته وهذا كله يزيد من الحمل والعبء على المعلم.
أعود فأقول ان من جرب وظيفة غير تعليمية وإن كان مخلصاً في عمله والمعاملات لا تنتهي ويضطر للبقاء في مكتبه بعد الدوام الرسمي فإنه يخرج من عمله مرتاح الجسم والأعصاب بعكس المعلم الذي يخرج مرهق الجسم والمفاصل لوقوفه المستمر والحنجرة كما يشهد بذلك أطباء الحنجرة فأكثر مراجعيهم من المعلمين وكذلك مشوش الرأس مشدود الأعصاب وغير ذلك مما يعانيه أكثر المعلمين من أمراض الضغط والسكر بسبب ما سبق ذكره.
إن الآباء يرهقون من طفلين أو ثلاثة في البيت فكيف بمن في كل ساعة يجلس مع أكثر من ثلاثين طالباً.
وإذا أردت المقارنة بالخارج فالمقارنة تكون باحترام المعلم وفي البيئة التعليمية والنصاب وانظر راتب المعلم في قطر (يبدأ بتسعة آلاف ومئة) وأبوظبي (يبدأ من 15000 درهم) والكويت (يبدأ بما يعادل 10000 ريال س) وكندا وأمريكا وغيرها مع ما يتمتعون به من ضمان صحي وسكن وغيره، ونحن ما زلنا نتذكر هجرة المعلمين والمعلمات إلى قطر، ولا أعلم من أين جاء كاتب المقال بمقارناته إلا إذا كان الكاتب يقارن بالصومال فأنا أتفق معه مع اعتبار دخل المملكة والغلاء الذي فيها.
والجميع يعلم أن المعلمين هم أكثر من يطالب بالتقاعد المبكر لما يعانيه داخل المدرسة وخارجها مقارنة بغيره الذين يطالبون بالتمديد إذا فاجأهم التقاعد، والمعلم لا يستطيع إنهاء معاملاته الحكومية لأنه لا يقوم غيره بعمله كغيره من الموظفين ولا يوجد معقب في المدارس لهذه المهمة.
إن جميع ما ذكرته يؤكد العالم والجاهل الأعمى والبصير الصغير والكبير ولكن (إنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور) ثم هذا الاتهام لجميع المعلمين بالتقصير واتهام المديرين بالتزوير في التقويم الوظيفي فهل تعين كاتب المقال في جميع مدارس الدولة؟؟ ونحمد الله أن كاتب المقال ليس مسؤولاً في وزارة التربية والتعليم وإلا ضاع التعليم والمعلم والطالب.. فيامن تريد الشهرة لا تشتهر بظلم الآخرين، ولن نقول (شهد شاهد من أهلها).. ومع ذلك نقول ونصر على وجوب إخلاص المعلم وغيره في عمله وخاصة ان رسالة المعلم عظيمة تستحق هذا التعب والعناء..