وأصدق الإخوة القراء أنني لست متفائلاً بما يمكن أن تحققه هذه اللجنة لسببٍ بسيط هو أنني أعرف طبيعة عمل اللجان ، وعقليات كثير ممن يُشاركون فيها ونمط تفكيرهم ، و كيفية صدور توصياتها ، وكيف أن معظم اللجان تنحرف عن الهدف الذي شُكلت من أجله لتحقق هدفاً آخر – غالباً – يتبناه أحد أعضائها ويفرضه على باقي الأعضاء ، ولذا فإنني أكتب هذه النصيحة سائلاً الله أن تكون عوناً للإخوة أعضاء اللجنة في مهمتهم ، ولأجلي لهم بعض الحقائق التي أخشى أن تكون غائبةً عنهم.
إن توجيه خادم الحرمين الشريفين المعلن رسمياً قد حدد أهداف اللجنة بوضوح وهي :
1- دراسة موضوع وضع المعلمين والمعلمات المعينين على مستويات أقل من المستويات التي يستحقونها من كافة جوانبه .
2- اقتراح أفضل السبل لمعالجته.
ولأن قرار تكوين اللجنة لم يتضمن نصاً صريحاً يؤكد على منح المعلمين والمعلمات مستوياتهم المستحقة لهم نظاماً ، وكانت النقطة الثانية تتضمن تلميحاً إلى ( معالجته ) ، فأخشى أن يفهم بعض أعضاء اللجنة أن المقصود بالعلاج هنا ليس بمعناه الذي يؤدي إلى الشفاء التام بل ذلك الذي يعني التخفيف من الآثار واستخدام المسكنات.
ولو كنت ضمن أعضاء اللجنة لفهمت أن المعالجة تعني القضاء على المشكلة من أساسها بحيث لا تتكرر مستقبلاً ، ومعالجة ما ترتب عليها سابقاً من انتقاص لحقوق المعلمين ، ومعالجة الوضع الحالي بحيث يُعطون المستويات المستحقة لهم نظاماً.
وليقيني أن الدولة لا يضيرها أن تُعطي أصحاب الحقوق حقوقهم ، وأن خادم الحرمين الشريفين حريصٌ على ذلك ؛ إلا أن المشكلة تكمن في أن مثل هذه اللجان لا تُعطي المسؤول الذي بيده اتخاذ القرار الصورة الحقيقية للواقع ، فماذا لو أن اللجنة رفعت لخادم الحرمين الشريفين أن المسألة تتعلق بمستحقات نظامية لهولاء المعلمين و أن اللجنة ترى أن يتم إنصافهم .
هل تظنون أن خادم الحرمين سيرفض ذلك ؟
أبداً لن يرفض وأقولها و أنا متأكد تماماً من ذلك ، فخادم الحرمين الشريفين حريصٌ على العدل ولن يضيره اتخاذ قرار كهذا ، و ليس كرماً إعطاء الناس حقوقهم لكنه واجب ، ولن يتخلى خادم الحرمين الشريفين أبداً عن واجباته ، كما أن تلك الحقوق لو صُرفت لن تهز الاقتصاد الوطني ولن تؤثر على الدخل القومي .
إذاً مشكلتنا تكمن في مثل هذه اللجان التي تظن أنها يجب أن توفر أموال الدولة ولو على حساب المظلومين ، والتي تظن أيضاً أنها تتقرب إلى المسؤولين باقتطاع حقوق الناس ، وأنها تظهر بمظهر الحريص على أموال الدولة وهي التي تسئ حقيقةً إلى الدولة.
إن أملي أن يفقه أعضاء هذه اللجنة المهمة المناطة بهم ؛ فإن خادم الحرمين الشريفين حين شكل هذه اللجنة لم يشكلها لتختلق المعاذير للدولة ، ولا ليستمر الخطأ ، ولا لدمدمة الماضي وإصلاح أوضاع المعلمين الذين سيعينون مستقبلاً ، أو التخطيط للانتقاص من حقوق القادمين مستقبلاً إلى ميدان التعليم ؛ لكنه كون اللجنة لأن هناك مشكلة قائمة ؛ هناك معلمون رفعوا أصواتهم مطالبين بحقوقهم المسلوبة ، وهناك قضايا مرفوعة ضد وزارة التربية وضد وزارتي المالية والخدمة المدنية، وهناك احتقان وتذمر في أوساط المعلمين سيؤدي بلا شك إلى نتائج سلبية على التعليم وعلى الوطن وعلى المعلمين المظلومين الذين سيتأثر أداؤهم في أعمالهم نتيجةً لسلب حقوقهم النظامية.
أتمنى من كل قلبي أن يتصور الإخوة أعضاء اللجنة مهمتهم تصوراً كاملاً ، وأن يعرفوا أن من واجبهم أن يتحروا العدل فإنهم في هذه اللجنة بمثابة قضاة ينبغي أن يحكموا بالعدل ؛ فهناك مظلومون وقع عليهم ظلمٌ واضح ، وهناك حقوق يجب أن تُعطى لأهلها و ليس هناك ما يمنع من إنصافهم فالملك عادلٌ منصف ، و المال الذي يؤدي تلك الحقوق متوفر و ليس بتلك المبالغ التي لا يمكن صرفها ، فالدولة تصرف أضعاف تلك المبالغ أحياناً في مساعدات خارجية فما الذي يمنع أن تُعطى الحقوق النظامية لأناس من أبناء الوطن أُقتطعت رواتبهم وانتقصت حقوقهم النظامية !.
إن بداية الخطأ كانت من وزارة المالية ، ومع الأسف أنه طوال هذه السنوات لم يتغير نمط تفكير العقلبات الإدارية الجاثمة على المناصب في وزارة المالية ، ومازالوا يرتكبون نفس الأخطاء بحق الوطن والمواطنين ، إن وزارة المالية تُخالف الأنظمة صراحةً فيما يتعلق بحقوق المواطنين فعندما تنص الأنظمة على أن حامل الشهادة الجامعية التربوية يُعين على المستوى الخامس فبأي حقٍ وبأي نظامٍ تفرض وزارة المالية على وزارة التربية وعلى وزارة الخدمة المدنية أن يتم تعيينه على المستوى الثالث وتسلبه مستويين مستحقين له نظاماً و تسلبه مستحقاته المالية التي كفلتها الأنظمة له ؛ ما قيمة الأنظمة إذا لم يتم احترامها من قبل الجهات التي يُفترض أن تحترمها ؟ و لماذا لا تتم محاسبة من قام بمخالفة الأنظمة وسلب الناس حقوقهم لسنوات ومازال مصراً على نفس الممارسة.
يجب أن يفهم مسؤولوا وزارة المالية أن عملهم يجب ألا يصطدم بالأنظمة و أن لا يسلبوا الناس حقوقهم ، وإن ولاة أمرنا يحرصون على العدل لا على سلب الحقوق ، وإن تلك الممارسات لا تزيد في أرصدة الدولة المالية بقدر ما تؤثر على رصيدها من الحب والتقدير في نفوس الناس حين تُستلب حقوقهم دون وجه حق .
كما أن وزارة الخدمة المدنية يجب أن يكون لها موقف واضح في ضرورة الالتزام بأنظمتها وألا يتم تعيين أي مواطن في مرتبة أقل من استحقاقه ، ويكفي ما حدث من فوضى حين قامت بتثبيت موظفي بند الأجور وما ترتب على ذلك من مظالم كثيرة يستعصي إصلاحها .
أيضاً هناك حاجة إلى الالتزام بالقوانين والأنظمة التي حددت حقوق المواطنين و يجب أن تكون معلنة للجميع ، فليس من المنطقي أن يعين الخريج الجامعي في إحدى السنوات على المستوى الخامس ثم في السنة التالية يعين زميله المساوي له في الشهادة على مستوى أقل ، أو يعين حامل الشهادة الجامعية ضابطاً في القطاعات العسكرية و في السنة التي تليها يعين زملاؤه جنوداً وهم يحملون نفس المؤهل – ومع الأسف أن التجاوزات في هذه المسألة في القطاعات العسكرية أكبر بكثير منها في القطاعات المدنية – ؛ لابد إذاً من إيضاح الضوابط وليس من حق أي مسؤول أن يخالف الأنظمة ويتخذ قرارات تعسفية فردية تؤثر على قطاع كبير من الناس .
المبادرات الفردية تكون أحياناً أفضل من اللجان :
في بداية تولي الوزير محمدالرشيد لوزارة التربية وجد عليها ديوناً متراكمة بسبب الإيجارات المتأخرة ، فقد كان الخويطر لا يبني مدارس جديدة ويكتفي باستئجار منازل من مواطنين ليحولها لمدارس – رغم أنها غير مهيأة لتكون مدارس – ثم لا يتم دفع الإيجارات في حينها ، ويسكت أصحاب المنازل المستأجرة حيث يرون أن مستحقاتهم عند الدولة لن تضيع وإن جاءت متأخرة ، فكان أن تراكمت حقوق كثيرة بالملايين لمواطنين أجروا منازلهم للوزارة لتحولها إلى مدارس .
ولم يكن أمام الوزير الرشيد ليخرج من ذلك المأزق إلا أن يطلب تلك المبالغ المستحقة كإيجارات بصفة استثنائية من الملك فهد الذي لم يتردد في إصدار قرار بصرفها ، وكان ذلك نجاحاً للرشيد وحلاً لمشكلة الإيجارات المتأخرة ، واكبته خطوة أخرى رائعة من الوزير الرشيد إذ تبنى خطة طموحة للتخلص من المباني المستأجرة وبناء مدارس حديثة تكون مملوكةً للوزارة وليست مستأجرة ، ولو أن الرشيد لم يفعل ذلك لكانت تلك المبالغ المتأخرة المستحقة على الوزارة عبئاً على ميزانية الوزارة و عائقاً له عن التطوير.
هذا النجاح الذي تحقق للرشيد لم تحققه لجنة ، بل حققته قوته في المطالبة وقدرته على الإقناع وشرح وجهة نظره لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله الذي لم يتردد حين اتضح له الأمر في صرف مستحقات ملاك المباني المستأجرة.
وفي المقابل حدثٌ آخر يدل على فشل اللجان فقبل عشر سنوات تألم بعض المسؤولين في وزارة التربية لحال الطلاب الذين ينامون تحت الكباري طلباً للقبول في الكليات العسكرية ، واعتبروا أن ذلك مهين للطالب الذي ترعاه الوزارة اثنتي عشرة سنة ثم يُعامل في مقتبل حياته الجامعية والمهنية معاملة غير لائقة ربما أثرت على نفسيته فاقترحوا أن يتم إنشاء مكتب موحد للقبول تكون له فروع في جميع مدن المملكة ويستطيع للطلاب أن يتقدموا من أماكن إقامتهم بحيث يحدد الطالب عشر كليات يرغب الدراسة في إحداها ، ثم تتم المفاضلة بحيث يقبل في إحداها حسب ضوابط معينة ؛ الأمر الذي سيؤدي إلى تنظيم عملية القبول وحفظ كرامة الطلاب ، وتبنى الوزير الرشيد ذلك ورفع الأمر للملك وولي العهد اللذين رحبا بالفكرة – وفي الحقيقة أن ولاة أمرنا دائماً يرحبون بما فيه خير لمواطنيهم لكن المشكلة حين يتم تعمية الأمور عليهم – ، وتم تشكيل لجنة من عدة وزارات وفي أول اجتماع لها قضت اللجنة على تلك الفكرة الطموحة لأنها تبنت رأي أحد المتنفذين فيها الذي رأى أن الدولة ليست مسؤولة عن ذلك ؛ طبعاً لأن أبناءه هو يتم قبولهم وهم في بيوتهم أو يبتعثون على حساب الدولة ، و اليوم بعد عشر سنوات من طرح تلك الفكرة مازال طلابنا إلى اليوم يتنقلون بملفاتهم الخضراء ويتجشمون عناء السفر ، فتأملوا كيف قضى شخصٌ واحد في تلك اللجنة على فكرة أناسٍ غيورين على أبناء الوطن كانت فيما لو تم تنفيذها ستحل إشكالات عدة وستوفر وقتاً وجهداً ومالاً على الجميع مواطنين وجهات حكومية.
أيها الإخوة أعضاء [ اللجنة الوزارية لدراسة وضع المعلمين والمعلمات المعينين على مستويات أقل من المستويات التي يستحقونها ] في ختام مقالتي هذه أذكركم بتقوى الله و أن تعلموا أن الدين النصيحة ؛ ومن النصيحة لولي الأمر أن تعينوه على العدل ، ومن النصيحة لإخوانكم المعلمين أن تساعدوا على إنصافهم وإعادة حقهم المسلوب ، لذا أهيب بجمبع أعضاء اللجنة الكرام أن ينصحوا للجميع ،وأخص معالي وزير المالية أن يتحلى بالموضوعية والعدل عند دراسة هذا الأمر وأن يتصور لو أن الأمر يتعلق بمستحقات شخصية له أو لمن يحب من خاصته وهل كان حينها سيبرر ما حدث من ظلم ، ولماذا أخص وزير المالية بالذات ؟ لأنني أتوقع أنه – ومع الأسف – ستتبنى وزارة المالية التبرير لما حدث من ظلم ومحاولة تسويغه أو إلباسه الصبغة النظامية ولو اضطرها ذلك لتغيير أنظمة قائمة أو حتى لوائح التوظيف بالخدمة المدنية ، وفيما لو حدث ذلك فإن العواقب ستكون وخيمةً إذ لن يثق الناس في الدولة وسيتأكدون بأن الظلم إذا وقع من جهةٍ حكومية أصبح مدعوماً و أن القوانين والأنظمة لا قيمة لها فيمكن دائماً تعديلها إلى الأسوأ لكبت مطالبات حقيقية وللوقوف في وجه مظلومين يطالبون بحقهم المسلوب.
إنها فرصةٌ تاريخية لأعضاء اللجنة الكرام ليثبتوا للجميع أننا في وطنٍ يرعى الحقوق ولا يقر استلابها ، في وطنٍ يُنصف المظلوم ، في وطنٍ كان منذ أسسه الملك عبدالعزيز رحمه الله حانياً على أبنائه المواطنين ، وأرجو ألا يرتكبوا خطأً تاريخياً يستغله الحاقدون لزرع الفرقة وتفكيك اللحمة بين المواطنين وقيادتهم ، واتهام الدولة وولاة الأمر بما هم أبرياء منه من تعمد الظلم أو سلب الحقوق.
وإن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز له مواقف تشهد بحنوه على أبنائه المواطنين ؛ من أظهرها ما قام به حفظه الله من إعفاء المتوفين من قروض صندوق التنمية العقارية ؛ وإن الذي أعفى أبناءه المواطنين من سدادِ قروضٍ مستحقةٍ عليهم لن يتردد أبداً في إعطاء أبنائه المعلمين حقوقهم التي سُلبت منهم فلتفهم اللجنة ذلك.
أخوكم : ســالم الحمياني
ياليت في البلد عشرة من هالولد بس ويزين كل شئ !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
إلا أن المشكلة تكمن في أن مثل هذه اللجان لا تُعطي المسؤول الذي بيده اتخاذ القرار الصورة الحقيقية للواقع ، فماذا لو أن اللجنة رفعت لخادم الحرمين الشريفين أن المسألة تتعلق بمستحقات نظامية لهولاء المعلمين و أن اللجنة ترى أن يتم إنصافهم .
هل تظنون أن خادم الحرمين سيرفض ذلك ؟ أبداً لن يرفض وأقولها و أنا متأكد تماماً من ذلك ، فخادم الحرمين الشريفين حريصٌ على العدل ولن يضيره اتخاذ قرار كهذا ، و ليس كرماً إعطاء الناس حقوقهم لكنه واجب ، ولن يتخلى خادم الحرمين الشريفين أبداً عن واجباته ، كما أن تلك الحقوق لو صُرفت لن تهز الاقتصاد الوطني ولن تؤثر على الدخل القومي . إذاً مشكلتنا تكمن في مثل هذه اللجان التي تظن أنها يجب أن توفر أموال الدولة ولو على حساب المظلومين ، والتي تظن أيضاً أنها تتقرب إلى المسؤولين باقتطاع حقوق الناس ، وأنها تظهر بمظهر الحريص على أموال الدولة وهي التي تسئ حقيقةً إلى الدولة. |
لا نزيــــــد . . .