المبحث الرابع
بدل الخلع وشروطه:
تحت هذا العنوان نتكلم عن أمور ثلاثة:
أولها: ما يصح أن يكون بدلاً للخلع وما يشترط فيه.
ثانيهما: هل يشترط أن يكون مذكوراً في المخالعة؟.
ثالثها: حكم أخذ الزوج لذلك البدل في الأحوال المختلفة.
ما يصح أن يكون بدلاً للخلع وشروطه:
كل ما صح أن يكون مهراً صح أن يكون بدلاً في الخلع ولا تقدير فيه باتفاق الحنفية، فيصح أن يكون من النقدين أو العقار أو المنقول، كما يصح أن يكون ديناً في ذمة الزوج، أو منفعة تقوم بالمال، كما يصح أن يكون الخلع على إرضاع ولدها منه مدة معينة، أو على حضانته المدة المقررة لها دون أن تأخذ منه نفقة عليها، أو على أن تقوم بالإنفاق عليه مدة معينة وعليها الوفاء بذلك، فإن امتنعت عن القيام بما التزمته أو عجزت عن الوفاء به، أو خرجت عن أهلية الحضانة، أو مات الطفل قبل انتهاء مدة الرضاعة أو الحضانة المتفق عليها كان لمن خالعها الرجوع عليها بما يقابل المدة الباقية، لكنها لا تدفعه إليه أقساطاً، كما كان يستحق عليها لو وفت به المدة كلها.
كما أن له الرجوع على ورثتها لو ماتت قبل الوفاء بما التزمته إلا إذا شرطت عليه ألا يرجع عليها بشيء إذا مات الولد أثناء مدة الرضاعة أو الحضانة، وإذا كانت الزوجة التي خالعت على نفقة ولدها معسرة لا تستطيع الإنفاق جاز لها أن تطالب الزوج بالإنفاق من ماله، ويجبر على إجابة طلبها، وكان ذلك ديناً عليها إذا أيسرت، لأن النفقة حق الولد، وهي في الأصل واجبة على الأب، ولكنها انتقلت إلى الأم لما جعلتها بدلاً في خلعها، فإذا عجزت قام الأب مقامها إحياء للولد من الهلاك وليس في ذلك ضرر به لأنه سيرجع عليها بالنفقة عند ميسرتها.
الشروط في بدل الخلع:
يشترط في بدل الخلع إذا كان مالاً: أن يكون متقوماً، فإذا كان غير متقوم لم يلزم الزوجة شيء ويقع الطلاق البائن عند الحنفية.
وصح عند الحنفية وانصرف البدل إلى مهرها إذا لم يمكن تقديره، فإن أمكن وجب المذكور في العقد، وهذا نظير ما لم يذكر بدلاً واللفظ ينبيء عن إيجاب البدل، ووجهه أن الخلع طلاق، وفي الطلاق معنى الإسقاط، لأنه يؤدي إلى إسقاط حق الزواج في المتعة والإسقاطات يدخلها المسامحة، كما يشترط في بدل الخلع ألا يكون فيه عدوان على حق الشارع أو على حق الغير، فإن كان فيه ذلك وجب البدل في حدود ما لا يتضمن العدوان.
فلو خالعها على ألا نفقة لها ولا سكنى صح البدل في النفقة دون السكنى، لأنها حق الشارع عند الحنفية، لما لم يوجبوا لها السكنى فذكرها عندهم وعدم ذكرها سواء، ولو خالعها على أن تبقى حضانتها للصغير إلى وقت بلوغه لم يصح البدل إلا آخر مدة الحضانة المقررة شرعاً وبطل في الباقي، لأن الصغير بعد فترة الحضانة محتاج إلى التربية والتعليم والتخلق بأخلاق الرجل وبقاؤه في حضانة أمه إلى وقت البلوغ عدوان ضار به يجب رفعه شرعاً.
ولهذا قرر فقهاء الحنفية أن الخلع إذا وقع على حضانة الصغيرة إلى البلوغ صح البدل في المدة كلها، وعللوا ذلك بأن بقاءها في حضانة أمها بعد سن الحضانة المقررة شرعاً لا يضر بها لأنها محتاجة إلى أن تعرف آداب النساء وتتعلم شئونهن وتتخلق بأخلاقهن، والنساء أقدر على ذلك من الرجال.
أخذ الزوج البدل ومتى يحل والمقدار الذي يحل أخذه؟
عرفنا أن الخلع مشروع عندما يقع النزاع بين الزوجين المؤدي إلى الشقاق بينهما الذي يخافا معه ألا يقيما حدود الله كما هو صريح القرآن.
لكن هذا الشقاق قد يكون المتسبب فيه الزوج وحده، وقد يكون سببه من قبل الزوجة، وقد يكون منهما معاً، وحل أخذ البدل يختلف باختلاف هذه الأحوال، فإن كان من قبل الزوج فلا يحل له أخذ شيء من الزوجة في نظير فراقها لقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 20، 21].
فهذا النص الكريم ينهي الزوج عن أخذ شيء مما أعطاه للزوجة عند إرادة الاستبدال، وهذا طبعاً لا يكون إلا عندما تكون الكراهة منه وحده، وأكد النهى بما جاء في آخره {أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً}، وقوله تعالى: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19]، فإنه نهى الأزواج عن عضل الزوجات بإلحاق الأذى بهن ليكون وسيلة إلى أخذ بعض المهر، لكنه استثنى حالة الإتيان بفاحشة مبينة – التي فسرت بالزنا أو بالنشوز – فأباح فيها الأخذ، وهذا يقتضي أن الأخذ عند عدم السبب منها حرام.
وهنا يقرر جمهور الفقهاء، أن هذا هو حكم الديانة بينه وبين الله المعبر عنه بالحل والحرمة، أما في القضاء فيجوز له الأخذ بناء على حكم القاضي به. لأن الزوج أسقط حقه في نظير عوض رضيت به الزوجة وهو من أهل الإسقاط وهي من أهل المعاوضة، أما إذا كان السبب من قبلها وحدها أو اشتركا فيه فيحل له أخذ البدل، لقوله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229].
فهذه الآية نفت الجناح عن الزوج في أخذ الفداء، وعن الزوجة في الإعطاء في حالة خوفهما ألا يقيما حدود الله، وهذا الخوف يكون عندما تكون الكراهة من المرأة وحدها، أو منهما معاً.
وإذا حل له البدل في هذه الحالة: فهل يتقيد بمقدار المهر أو تجوز الزيادة؟
في المذهب الحنفي روايتان:
أولاهما: أن أخذ الزيادة جائز لا شيء فيه لإطلاق الآية السابقة {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ به} فإنها رفعت الجناح عنهما في الأخذ والعطاء من الفداء من غير فصل بين ما إذا كان المعطى مساوياً للمهر أو زائداً عليه، ولأن الخلع معاوضة، والبدل فيها يرجع إلى تراضى الطرفين، وحينما أعطت الزيادة أعطتها من مالها بطيب من نفسها. وقد قال تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4].
وثانيتهما: أن أخذ الزيادة مكروه للآية السابقة، فإن قوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ به} رفع الجناح عنهما فيما افتدت به من المهر، لأن آخر الآية مردود إلى أولها، وأول الآية ينهى الأزواج عن أن يأخذوا من الزوجات شيئاً مما أتوهن من المهور، واستثنى من الأخذ في حالة خوفهما ترك إقامة حدود الله، فكان المراد من قوله فيما افتدت به أي مما آتاها، ويؤيد ذلك ما جاء في حديث قصة امرأة ثابت بن قيس بن شماس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: "أتردين عليه حديقته" فقالت: نعم وزيادة، قال: "أما الزيادة فلا"، نهى عن الزيادة مع كون النشوز من قبلها، وقد عرضت الزيادة بطيب من نفسها.
بدل الخلع وشروطه:
تحت هذا العنوان نتكلم عن أمور ثلاثة:
أولها: ما يصح أن يكون بدلاً للخلع وما يشترط فيه.
ثانيهما: هل يشترط أن يكون مذكوراً في المخالعة؟.
ثالثها: حكم أخذ الزوج لذلك البدل في الأحوال المختلفة.
ما يصح أن يكون بدلاً للخلع وشروطه:
كل ما صح أن يكون مهراً صح أن يكون بدلاً في الخلع ولا تقدير فيه باتفاق الحنفية، فيصح أن يكون من النقدين أو العقار أو المنقول، كما يصح أن يكون ديناً في ذمة الزوج، أو منفعة تقوم بالمال، كما يصح أن يكون الخلع على إرضاع ولدها منه مدة معينة، أو على حضانته المدة المقررة لها دون أن تأخذ منه نفقة عليها، أو على أن تقوم بالإنفاق عليه مدة معينة وعليها الوفاء بذلك، فإن امتنعت عن القيام بما التزمته أو عجزت عن الوفاء به، أو خرجت عن أهلية الحضانة، أو مات الطفل قبل انتهاء مدة الرضاعة أو الحضانة المتفق عليها كان لمن خالعها الرجوع عليها بما يقابل المدة الباقية، لكنها لا تدفعه إليه أقساطاً، كما كان يستحق عليها لو وفت به المدة كلها.
كما أن له الرجوع على ورثتها لو ماتت قبل الوفاء بما التزمته إلا إذا شرطت عليه ألا يرجع عليها بشيء إذا مات الولد أثناء مدة الرضاعة أو الحضانة، وإذا كانت الزوجة التي خالعت على نفقة ولدها معسرة لا تستطيع الإنفاق جاز لها أن تطالب الزوج بالإنفاق من ماله، ويجبر على إجابة طلبها، وكان ذلك ديناً عليها إذا أيسرت، لأن النفقة حق الولد، وهي في الأصل واجبة على الأب، ولكنها انتقلت إلى الأم لما جعلتها بدلاً في خلعها، فإذا عجزت قام الأب مقامها إحياء للولد من الهلاك وليس في ذلك ضرر به لأنه سيرجع عليها بالنفقة عند ميسرتها.
الشروط في بدل الخلع:
يشترط في بدل الخلع إذا كان مالاً: أن يكون متقوماً، فإذا كان غير متقوم لم يلزم الزوجة شيء ويقع الطلاق البائن عند الحنفية.
وصح عند الحنفية وانصرف البدل إلى مهرها إذا لم يمكن تقديره، فإن أمكن وجب المذكور في العقد، وهذا نظير ما لم يذكر بدلاً واللفظ ينبيء عن إيجاب البدل، ووجهه أن الخلع طلاق، وفي الطلاق معنى الإسقاط، لأنه يؤدي إلى إسقاط حق الزواج في المتعة والإسقاطات يدخلها المسامحة، كما يشترط في بدل الخلع ألا يكون فيه عدوان على حق الشارع أو على حق الغير، فإن كان فيه ذلك وجب البدل في حدود ما لا يتضمن العدوان.
فلو خالعها على ألا نفقة لها ولا سكنى صح البدل في النفقة دون السكنى، لأنها حق الشارع عند الحنفية، لما لم يوجبوا لها السكنى فذكرها عندهم وعدم ذكرها سواء، ولو خالعها على أن تبقى حضانتها للصغير إلى وقت بلوغه لم يصح البدل إلا آخر مدة الحضانة المقررة شرعاً وبطل في الباقي، لأن الصغير بعد فترة الحضانة محتاج إلى التربية والتعليم والتخلق بأخلاق الرجل وبقاؤه في حضانة أمه إلى وقت البلوغ عدوان ضار به يجب رفعه شرعاً.
ولهذا قرر فقهاء الحنفية أن الخلع إذا وقع على حضانة الصغيرة إلى البلوغ صح البدل في المدة كلها، وعللوا ذلك بأن بقاءها في حضانة أمها بعد سن الحضانة المقررة شرعاً لا يضر بها لأنها محتاجة إلى أن تعرف آداب النساء وتتعلم شئونهن وتتخلق بأخلاقهن، والنساء أقدر على ذلك من الرجال.
أخذ الزوج البدل ومتى يحل والمقدار الذي يحل أخذه؟
عرفنا أن الخلع مشروع عندما يقع النزاع بين الزوجين المؤدي إلى الشقاق بينهما الذي يخافا معه ألا يقيما حدود الله كما هو صريح القرآن.
لكن هذا الشقاق قد يكون المتسبب فيه الزوج وحده، وقد يكون سببه من قبل الزوجة، وقد يكون منهما معاً، وحل أخذ البدل يختلف باختلاف هذه الأحوال، فإن كان من قبل الزوج فلا يحل له أخذ شيء من الزوجة في نظير فراقها لقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 20، 21].
فهذا النص الكريم ينهي الزوج عن أخذ شيء مما أعطاه للزوجة عند إرادة الاستبدال، وهذا طبعاً لا يكون إلا عندما تكون الكراهة منه وحده، وأكد النهى بما جاء في آخره {أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً}، وقوله تعالى: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19]، فإنه نهى الأزواج عن عضل الزوجات بإلحاق الأذى بهن ليكون وسيلة إلى أخذ بعض المهر، لكنه استثنى حالة الإتيان بفاحشة مبينة – التي فسرت بالزنا أو بالنشوز – فأباح فيها الأخذ، وهذا يقتضي أن الأخذ عند عدم السبب منها حرام.
وهنا يقرر جمهور الفقهاء، أن هذا هو حكم الديانة بينه وبين الله المعبر عنه بالحل والحرمة، أما في القضاء فيجوز له الأخذ بناء على حكم القاضي به. لأن الزوج أسقط حقه في نظير عوض رضيت به الزوجة وهو من أهل الإسقاط وهي من أهل المعاوضة، أما إذا كان السبب من قبلها وحدها أو اشتركا فيه فيحل له أخذ البدل، لقوله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229].
فهذه الآية نفت الجناح عن الزوج في أخذ الفداء، وعن الزوجة في الإعطاء في حالة خوفهما ألا يقيما حدود الله، وهذا الخوف يكون عندما تكون الكراهة من المرأة وحدها، أو منهما معاً.
وإذا حل له البدل في هذه الحالة: فهل يتقيد بمقدار المهر أو تجوز الزيادة؟
في المذهب الحنفي روايتان:
أولاهما: أن أخذ الزيادة جائز لا شيء فيه لإطلاق الآية السابقة {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ به} فإنها رفعت الجناح عنهما في الأخذ والعطاء من الفداء من غير فصل بين ما إذا كان المعطى مساوياً للمهر أو زائداً عليه، ولأن الخلع معاوضة، والبدل فيها يرجع إلى تراضى الطرفين، وحينما أعطت الزيادة أعطتها من مالها بطيب من نفسها. وقد قال تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4].
وثانيتهما: أن أخذ الزيادة مكروه للآية السابقة، فإن قوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ به} رفع الجناح عنهما فيما افتدت به من المهر، لأن آخر الآية مردود إلى أولها، وأول الآية ينهى الأزواج عن أن يأخذوا من الزوجات شيئاً مما أتوهن من المهور، واستثنى من الأخذ في حالة خوفهما ترك إقامة حدود الله، فكان المراد من قوله فيما افتدت به أي مما آتاها، ويؤيد ذلك ما جاء في حديث قصة امرأة ثابت بن قيس بن شماس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: "أتردين عليه حديقته" فقالت: نعم وزيادة، قال: "أما الزيادة فلا"، نهى عن الزيادة مع كون النشوز من قبلها، وقد عرضت الزيادة بطيب من نفسها.