تخطى إلى المحتوى
الرئيسية

  • بواسطة

معلم منزوع الوريد

صدر توجيه خادم الحرمين الشريفين في الثامن من شهر رمضان عام هـ بتكوين لجنة وزارية من وزير الخدمة المدنية ووزير التربية والتعليم ووزير الدولة وعضو مجلس الوزراء الدكتور مطلب بن عبدالله النفيسة ووزير المالية ووزير الاقتصاد والتخطيط ورئيس ديوان المراقبة العامة لدراسة وضع المعلمين والمعلمات المعينين على مستويات أقل من المستويات التي يستحقونها من كافة جوانبه واقتراح أفضل السبل لمعالجته.

وأصدق الإخوة القراء أنني لست متفائلاً بما يمكن أن تحققه هذه اللجنة لسببٍ بسيط هو أنني أعرف طبيعة عمل اللجان ، وعقليات كثير ممن يُشاركون فيها ونمط تفكيرهم ، و كيفية صدور توصياتها ، وكيف أن معظم اللجان تنحرف عن الهدف الذي شُكلت من أجله لتحقق هدفاً آخر – غالباً – يتبناه أحد أعضائها ويفرضه على باقي الأعضاء ، ولذا فإنني أكتب هذه النصيحة سائلاً الله أن تكون عوناً للإخوة أعضاء اللجنة في مهمتهم ، ولأجلي لهم بعض الحقائق التي أخشى أن تكون غائبةً عنهم.

إن توجيه خادم الحرمين الشريفين المعلن رسمياً قد حدد أهداف اللجنة بوضوح وهي :
1- دراسة موضوع وضع المعلمين والمعلمات المعينين على مستويات أقل من المستويات التي يستحقونها من كافة جوانبه .
2- اقتراح أفضل السبل لمعالجته.

ولأن قرار تكوين اللجنة لم يتضمن نصاً صريحاً يؤكد على منح المعلمين والمعلمات مستوياتهم المستحقة لهم نظاماً ، وكانت النقطة الثانية تتضمن تلميحاً إلى ( معالجته ) ، فأخشى أن يفهم بعض أعضاء اللجنة أن المقصود بالعلاج هنا ليس بمعناه الذي يؤدي إلى الشفاء التام بل ذلك الذي يعني التخفيف من الآثار واستخدام المسكنات.

ولو كنت ضمن أعضاء اللجنة لفهمت أن المعالجة تعني القضاء على المشكلة من أساسها بحيث لا تتكرر مستقبلاً ، ومعالجة ما ترتب عليها سابقاً من انتقاص لحقوق المعلمين ، ومعالجة الوضع الحالي بحيث يُعطون المستويات المستحقة لهم نظاماً.

وليقيني أن الدولة لا يضيرها أن تُعطي أصحاب الحقوق حقوقهم ، وأن خادم الحرمين الشريفين حريصٌ على ذلك ؛ إلا أن المشكلة تكمن في أن مثل هذه اللجان لا تُعطي المسؤول الذي بيده اتخاذ القرار الصورة الحقيقية للواقع ، فماذا لو أن اللجنة رفعت لخادم الحرمين الشريفين أن المسألة تتعلق بمستحقات نظامية لهولاء المعلمين و أن اللجنة ترى أن يتم إنصافهم .

هل تظنون أن خادم الحرمين سيرفض ذلك ؟

أبداً لن يرفض وأقولها و أنا متأكد تماماً من ذلك ، فخادم الحرمين الشريفين حريصٌ على العدل ولن يضيره اتخاذ قرار كهذا ، و ليس كرماً إعطاء الناس حقوقهم لكنه واجب ، ولن يتخلى خادم الحرمين الشريفين أبداً عن واجباته ، كما أن تلك الحقوق لو صُرفت لن تهز الاقتصاد الوطني ولن تؤثر على الدخل القومي .

إذاً مشكلتنا تكمن في مثل هذه اللجان التي تظن أنها يجب أن توفر أموال الدولة ولو على حساب المظلومين ، والتي تظن أيضاً أنها تتقرب إلى المسؤولين باقتطاع حقوق الناس ، وأنها تظهر بمظهر الحريص على أموال الدولة وهي التي تسئ حقيقةً إلى الدولة.

إن أملي أن يفقه أعضاء هذه اللجنة المهمة المناطة بهم ؛ فإن خادم الحرمين الشريفين حين شكل هذه اللجنة لم يشكلها لتختلق المعاذير للدولة ، ولا ليستمر الخطأ ، ولا لدمدمة الماضي وإصلاح أوضاع المعلمين الذين سيعينون مستقبلاً ، أو التخطيط للانتقاص من حقوق القادمين مستقبلاً إلى ميدان التعليم ؛ لكنه كون اللجنة لأن هناك مشكلة قائمة ؛ هناك معلمون رفعوا أصواتهم مطالبين بحقوقهم المسلوبة ، وهناك قضايا مرفوعة ضد وزارة التربية وضد وزارتي المالية والخدمة المدنية، وهناك احتقان وتذمر في أوساط المعلمين سيؤدي بلا شك إلى نتائج سلبية على التعليم وعلى الوطن وعلى المعلمين المظلومين الذين سيتأثر أداؤهم في أعمالهم نتيجةً لسلب حقوقهم النظامية.

أتمنى من كل قلبي أن يتصور الإخوة أعضاء اللجنة مهمتهم تصوراً كاملاً ، وأن يعرفوا أن من واجبهم أن يتحروا العدل فإنهم في هذه اللجنة بمثابة قضاة ينبغي أن يحكموا بالعدل ؛ فهناك مظلومون وقع عليهم ظلمٌ واضح ، وهناك حقوق يجب أن تُعطى لأهلها و ليس هناك ما يمنع من إنصافهم فالملك عادلٌ منصف ، و المال الذي يؤدي تلك الحقوق متوفر و ليس بتلك المبالغ التي لا يمكن صرفها ، فالدولة تصرف أضعاف تلك المبالغ أحياناً في مساعدات خارجية فما الذي يمنع أن تُعطى الحقوق النظامية لأناس من أبناء الوطن أُقتطعت رواتبهم وانتقصت حقوقهم النظامية !.

إن بداية الخطأ كانت من وزارة المالية ، ومع الأسف أنه طوال هذه السنوات لم يتغير نمط تفكير العقلبات الإدارية الجاثمة على المناصب في وزارة المالية ، ومازالوا يرتكبون نفس الأخطاء بحق الوطن والمواطنين ، إن وزارة المالية تُخالف الأنظمة صراحةً فيما يتعلق بحقوق المواطنين فعندما تنص الأنظمة على أن حامل الشهادة الجامعية التربوية يُعين على المستوى الخامس فبأي حقٍ وبأي نظامٍ تفرض وزارة المالية على وزارة التربية وعلى وزارة الخدمة المدنية أن يتم تعيينه على المستوى الثالث وتسلبه مستويين مستحقين له نظاماً و تسلبه مستحقاته المالية التي كفلتها الأنظمة له ؛ ما قيمة الأنظمة إذا لم يتم احترامها من قبل الجهات التي يُفترض أن تحترمها ؟ و لماذا لا تتم محاسبة من قام بمخالفة الأنظمة وسلب الناس حقوقهم لسنوات ومازال مصراً على نفس الممارسة.

يجب أن يفهم مسؤولوا وزارة المالية أن عملهم يجب ألا يصطدم بالأنظمة و أن لا يسلبوا الناس حقوقهم ، وإن ولاة أمرنا يحرصون على العدل لا على سلب الحقوق ، وإن تلك الممارسات لا تزيد في أرصدة الدولة المالية بقدر ما تؤثر على رصيدها من الحب والتقدير في نفوس الناس حين تُستلب حقوقهم دون وجه حق .

كما أن وزارة الخدمة المدنية يجب أن يكون لها موقف واضح في ضرورة الالتزام بأنظمتها وألا يتم تعيين أي مواطن في مرتبة أقل من استحقاقه ، ويكفي ما حدث من فوضى حين قامت بتثبيت موظفي بند الأجور وما ترتب على ذلك من مظالم كثيرة يستعصي إصلاحها .

أيضاً هناك حاجة إلى الالتزام بالقوانين والأنظمة التي حددت حقوق المواطنين و يجب أن تكون معلنة للجميع ، فليس من المنطقي أن يعين الخريج الجامعي في إحدى السنوات على المستوى الخامس ثم في السنة التالية يعين زميله المساوي له في الشهادة على مستوى أقل ، أو يعين حامل الشهادة الجامعية ضابطاً في القطاعات العسكرية و في السنة التي تليها يعين زملاؤه جنوداً وهم يحملون نفس المؤهل – ومع الأسف أن التجاوزات في هذه المسألة في القطاعات العسكرية أكبر بكثير منها في القطاعات المدنية – ؛ لابد إذاً من إيضاح الضوابط وليس من حق أي مسؤول أن يخالف الأنظمة ويتخذ قرارات تعسفية فردية تؤثر على قطاع كبير من الناس .

أيها الإخوة أعضاء [ اللجنة الوزارية لدراسة وضع المعلمين والمعلمات المعينين على مستويات أقل من المستويات التي يستحقونها ] في ختام مقالتي هذه أذكركم بتقوى الله و أن تعلموا أن الدين النصيحة ؛ ومن النصيحة لولي الأمر أن تعينوه على العدل ، ومن النصيحة لإخوانكم المعلمين أن تساعدوا على إنصافهم وإعادة حقهم المسلوب ، لذا أهيب بجمبع أعضاء اللجنة الكرام أن ينصحوا للجميع ،وأخص معالي وزير المالية أن يتحلى بالموضوعية والعدل عند دراسة هذا الأمر وأن يتصور لو أن الأمر يتعلق بمستحقات شخصية له أو لمن يحب من خاصته وهل كان حينها سيبرر ما حدث من ظلم ، ولماذا أخص وزير المالية بالذات ؟ لأنني أتوقع أنه – ومع الأسف – ستتبنى وزارة المالية التبرير لما حدث من ظلم ومحاولة تسويغه أو إلباسه الصبغة النظامية ولو اضطرها ذلك لتغيير أنظمة قائمة أو حتى لوائح التوظيف بالخدمة المدنية ، وفيما لو حدث ذلك فإن العواقب ستكون وخيمةً إذ لن يثق الناس في الدولة وسيتأكدون بأن الظلم إذا وقع من جهةٍ حكومية أصبح مدعوماً و أن القوانين والأنظمة لا قيمة لها فيمكن دائماً تعديلها إلى الأسوأ لكبت مطالبات حقيقية وللوقوف في وجه مظلومين يطالبون بحقهم المسلوب.

إنها فرصةٌ تاريخية لأعضاء اللجنة الكرام ليثبتوا للجميع أننا في وطنٍ يرعى الحقوق ولا يقر استلابها ، في وطنٍ يُنصف المظلوم ، في وطنٍ كان منذ أسسه الملك عبدالعزيز رحمه الله حانياً على أبنائه المواطنين ، وأرجو ألا يرتكبوا خطأً تاريخياً يستغله الحاقدون لزرع الفرقة وتفكيك اللحمة بين المواطنين وقيادتهم ، واتهام الدولة وولاة الأمر بما هم أبرياء منه من تعمد الظلم أو سلب الحقوق.

وإن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز له مواقف تشهد بحنوه على أبنائه المواطنين ؛ من أظهرها ما قام به حفظه الله من إعفاء المتوفين من قروض صندوق التنمية العقارية ؛ وإن الذي أعفى أبناءه المواطنين من سدادِ قروضٍ مستحقةٍ عليهم لن يتردد أبداً في إعطاء أبنائه المعلمين حقوقهم التي سُلبت منهم فلتفهم اللجنة ذلك.جريدة المدينة


الـــلـــه يــعــطــيــك الــعــافــيــه

و بـــارك الــلــه فــيــك

و جــــزاك الله كل خيـــــــــــر

الـــلـــه يــعــطــيــك الــعــافــيــه

و بـــارك الــلــه فــيــك

و جــــزاك الله كل خيـــــــــــر
ايها الكاتب والناقل
ولكن
سؤال : من هو كاتب الموضوع ؟

مقال رائع وجميل

بارك الله في الكاتب والناقل

الموضوع مكرر في المواضيع المثبته على الرابط
نصيحة علنية لخمسة وزراء في اللجنة الوزارية لدراسة وضع المعلمين والمعلمات – مدونة معلمي ومعلمات المملكة العربية السعودية

كاتب الموضوع سالم الحمياني .

يغلق الموضوع

بارك الله في الكاتب والناقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.