قالوا لي أنتي المستقبل وأنتي الشمس المُشرقة القادمة للعلم والتعليم!
بادري فقد فُتحت لكُن الكُلية المتوسطة أبوابها وأوجدوا مُختلف التخصصات.
لاأنسى كم من الفتياتِ جِئن من القرى البعيدة كلهن يشاركنني..نفس الحُلم!!
وتمُر تلك السنواتِ الآن أمامي..وتلك الشخوصُ والملامِحُ المُنهكة..
تعلمنا..وتعبنا وكافحنا..ثُم ماذا..
تُركنا على رصيف البطالة 20 عاماً!!
اجتاحَ خريفُ العمرِ مساماتي اليافِعة..وسُرِقت سنيني غبناً ولاأعرِفُ سارقي!
أين مني ذاك الوطن وأنا حبيسة نفقٍ مظلم بارد موحش؟!
نعم إنه نفق البطالة 20 عاماً أقتات بؤسي وبعضاً من شهاداتي العتيقة!!
تعود بي الذاكرة…
كم كان ذلك الصباحُ مميزاً عندما تجسد حُلمي حقيقةً وردية بحصولي على وثيقة تخرجي والتبريكاتُ من حولي كأجمل ماسمعت من معزوفات!
وتختال خطواتي حينها بإنجازي وفخرِ عائلتي بي.
وتمُر السنوات..ومازال حلمي يقاوم الذبول أحملهُ بين يدي أجري به هنا وهناك في سباقٍ جادٍ مع الأيام..علّي أجدُ وظيفتي..
أنا هُنا..خريجة كلية متوسطة..هذا وسامي ونتاج اجتهادي.. وهذه شهاداتي
هذه سنواتي..هذا جُهد وتعبُ أبي..هذا دعاء أمي..هذا أملي ومستقبلي!!
وأستمر بالبحث هنا وهناك..
وياللأسف تسبقني الأيام وتتعثرُ الخطى ويخذلني البشر ويعُز الصبر!!
عندما وجدت نفسي فجأة أُحدق بشهاداتي القديمة وسنوات عمري اللتي ذهبت ضحية فسادٍ وسوء إدارة!
أعود لأستجمع قواي..فأصرُخ وأناشد وألتمس كُل طريقٍ قد يُعيد لي حقي..
ولكن لاحياة لمن تنادي!!
تتلاقفني الأيدي ويُهمشني المسؤول ويزيد في قهري بتعطيلي عاماً بعد عام.
هل أنا مواطنة حقاً؟!
وأنا مُهمشةٌ مظلومة مقهورة لـ20 عاماً مضت لايرد صدى بُكائي وشكواي سوى ردهات الوزارات!
أين أذهب بكل أحلامي وطموحي وشهاداتي وبوَاقي عزتي المبعثرة؟!
إذا كان وطني يرفضني..يلفُظني..أين أذهب؟!!
نوال الشهري
أرجوكم أدعوا لأبي فقد توفي وهو ينتظر فرحته بي…الحمد لله على كُل حال.
اسأل العلي العظيم ان يسكن والدك فسيح جناته ، رحل لدار الحق مثل كثير من اباء خريجات الدبلوم ،، كان ينتظر لحظه القطاف ،، كان يترقب لحظات الفرح ،، مثله مثل كثيرون
لايعلم من اغتال امانينا انه اغتال لحظات لن تعود ،، ولن نسامح من حرم ابائنا تلك الفرحه ماحيينا، وستظل غصة في الحلق ،، وجرح في الروح كلما عصفت بنا ذكريات الماضي
المعطر برائحه انفاس من غابوا ،، وتركوا في الروح فراغ يخنق كل عبارات الفرح ،، فقط نقول : حسبنا الله وهو نعم الوكيل
لعل الله آتٍ بفرحٍ يغسل ماشاب قلوبنا من حُزنٍ وألمٍ وانتظار.