وهو جهد المقل أقدمه بين أيديكم فلعله يفيدكم ولو بعض الشيء لأن أبيات العشماوي واضحة ألفاظها قد لانستطيع أن نأتي بألفاظ أخرى تعبر عنها .
الشذى فيك والرواء جميل0000وبأوراقك الندى مشغول
أنت أودعت في التراب بذورا0000وزنها في العيون وزن ضئيل
خبريني متى شققت ترابا0000وتراءى لك الضياء الهزيل؟
خبريني متى صعدت الينا 0000وتغنى بك النسيم العليل؟
بدأ الشاعر بحوار رقيق مع الوردة في بيان محاسنها فيقول : إن ريح المسك يفوح منك وحسن المنظر فيك جميل وزادك جمالا ذلك الندى ـ وهي قطرات الماء المتبخرة في طبقات الجو ـ التي قد انشغلت بأوراقك . فماأنت أيتها الوردة إلاّ بذرة وزنها صغير ضئيل أوُدعت في التراب . ثم أخذ يسألها بقوله خبرينا متى شققت ترابا وبدا لك الضياء الضعيف "وهو سؤال من باب التعجب وفيه كناية عن تفتحها وإزهارها ، خبرينا متى ترنم وطرب بك النسيم العليل وهو الريح اللينة الرقيق .
صعّدت عطرها الي وقالت:0000شرح هذا الذي تريد يطول
بذرة كنت وزنها ليس وزنا 0000في يدكم وأمرها مجهول
لم أكد أنفض التراب وأبدي0000رأس جذري حتى أستبدّ الفضول
ورأيت الأيدي تمتد سراعا0000 كل كف ذراعها مفتول
إن شوكي وسيلة لدفاعي 0000عن حياتي وللنجاة سبيل
فصعدت زفرة من عطرها إليّ قائلة : إن شرح ما تريد يطول ، فأناكنت بذرة وزنها ليس كما تظنون وليس أمرها مجهول لديكم ، فما كدت أو قاربت أن أزيل وأبعد التراب وأُظهر رأس جذري حتى استولى الفضول لديكم ، ورأيت الأيدي تمتد مسرعة كل كف ذراعها مفتول قوي ، فشوكي وسيلة لدفاعي عن حياتي وللنجاة طريق وسبيل يتخذ .
ايه يا وردتي أطلي ليمحو0000 كل هم جبينك المبلول
إن تركناك ما قطفناك حينا0000 فسيسطو على حماك الذبول
نحن يا وردتي كذلك نحيا 0000ثم يأتي بعد المقام الرحيل
فرد عليها قائلا : حسبك يا وردتي أشرفي علينا وأطلي ليزيل جبينُك المبلول كل هم ، فنحن إن تركناك ما قطفناك حينا فسيستولي على حماك الذبول أي : لابد وان يمر بك زمن فتذبلين وتموتين فعمر الورد قصير ، ونحن كذلك يا وردتي نحيا ثم يأتي بعد مقامنا الرحيل ، فالإنسان يقيم ما أراد الله له في هذه الحياة ثم يرحل عنها .
تحليل النص :
=========
أولا : الأسلوب :
===========
أسلوب العشماوي معروف حقيقة بقوته فكأنه من شعراء بني العباس في أسلوبه وتصويره ، وفي هذه الأبيات استخدم أسلوب الحوار الرائع لإيصال فكرته لنا .
الألفاظ والعبارات :
===========
ألفاظه وعباراته قوية رصينة وفي نفس الوقت جاءت واضحة ،وبسيطة ، معبرة بنفسها عما يريد الشاعر
العاطفة :
=======
هي عاطفة تصوير للطبيعة فلا غرو أن تكون صادقة وواضحة
الصور البلاغية :
==========
لايخلو النص من الجمال البلاغي والتصوير البياني ابتداء من حواره مع الوردة حيث جعل الوردة فتاة يحاورها وتحاوره ، فظهر من ذلك الاستعارة المكنية في قوله " صعّدت عطرها الي وقالت " فقد شبهها بفتاة وحذف المشبه به وأبقى شيئا من لوازمه وهو " القول " وقوله : " لم أكد أنفض " وقوله " ورأيت " وغيرها
كذلك الكناية في قوله " متى شققت التراب " متى صعدت إلينا " إلخ ….
وأجمل ما فيها تلك الحكمة التي أطلقها الشاعر في نهاية أبياته
وهذا ما استطعت إليه ولعل للإخوة إضافة لما ذكرت وإن كان لهم من ملاحظة أو تعليق فلا يبخلوا به علينا ، فكما قلت هذا جهد المقل وشرحي حسب فهمي للأبيات فإن أخطأت فصوبوني بارك الله في الجميع .
وللموضوع بقية إن شاء الله .