أما العنوسة فهي مشكلة اجتماعية قديمة، لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات، ولا تكاد تسلم منها أسرة من الأسر، وقد زادت في عصرنا، وتضخمت في أيامنا، ولمسنا لها نتائج ظاهرة، وآثاراً مؤلمة.
اجتمعت العنوسة مع مشكلة الجهل باستغلال الفراغ القاتل، وجاءت مع مشكلة البطالة، وعدم توفر الوظيفة الملائمة لخصائص المرأة، فسببت لصاحباتها آلاماً نفسية، ومنغصات اجتماعية، وربما نتج عنها، مشاكل سلوكية، وكوارث أخلاقية.
هذه المشكلة يقف وراءها عوامل كثيرة، ومسببات عديدة، ولعل المهور العالية، وتكاليف الزواج الباهضة، ليست من الأسباب الرئيسة التي تقف وراء هذه المشكلة، فهناك عوامل نفسية، تجعل الفتيات يعزفن عن الزواج، ويوصمن بالعنوسة، ومن ذلك: وجود تفكير سلبي لدى البعض من الفتيات، يتضمن أنهن أحسن من الراغبين في الزواج بهن، من حيث المستوى التعليمي والاجتماعي والاقتصادي، أو أن لبعضهن مواصفات خاصة، تنشدها في فتى أحلامها، ولم تجد تلك المواصفات في الراغبين الزواج بها، أو أنهن يقارن بين الراغبين في الزواج بهن، وبين الذين يشاهدنهم أو يسمعن عنهم، أو أن لديهن رغبة في التحصيل العلمي، ونيل الدرجات العلمية المختلفة، أو يمارسن وظيفة شاغلة كالتطبيب، مما يشغلهن عن الزواج، وبالتالي يفوتهن القطار (كما يقولون).
وقد تكون أسرة الفتاة سبباً في عزوف الراغبين في الزواج منها، وذلك نتيجة لسيرتهم المشوهة، أو لوجود صعوبة في التعامل معهم، أو لإيمانهم بالتقاليد الظالمة، التي تتضمن أن زواج بنت العم لا يكون إلا لأولاد العم أو العمة، أو أن بنت الخالة لا تكون إلا لأولاد الخال أو الخالة، أو لأنهم يعيشون بعيدين عن التفاعل مع المناشط والمناسبات الاجتماعية، أو لأنهم ينشدون صاحب مركز ومكانة، أو ذا دخل مرتفع، وحال ميسور. ولعل المسبب الرئيس يكمن في عقل كل راغب في الزواج، فينشد في شريكة الحياه، من تتصف بصفة الجمال الأخاذ، واللون البراق، كالتي رآها في قنوات فضائية، وقد لا يجدها فيمن حوله، فيلتمسها في الزواج من خارج البلاد. والحل يكمن في قبول الفتاة، بأول قادم جاء يطلب يدها، مادام صاحب دين وخلق وأمانة، وله عمل يقتات منه، ولو كان في حاله فقيراً معدماً، أو صاحب مركز ضعيف، فإن الرزاق سبحانه قد تكفل بزيادة رزقه، قال تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) [النور: 32]. وعليها ألا تتردد في القبول بمن طلب يدها، ولو كان بيده زوجة، فالزوج مسؤول أمام الله تعالى عن صيانتها وحملها ورعايتها، وعسى أن تكرهوا شيئا، ويجعل الله فيه خيرا كثيرا.
كما على من تأخر زواجها، أن تدعو الذي أوجدها سبحانه، بتيسير أمرها، وإجابة مبتغاها، وتلبية رجاها، ولا تيأس، ولا تتعجل؛ فإن مع العسر يسراً، وإن فرج الله قريب.
ثم عليها أن تستغل أيامها، فيما يقربها من خالقها جل في علاه، وأن تستثمر قدراتها فيما تنفع به نفسها، وتستفيد منه أسرتها، حتى تكون بذلك عضوة صالحة، عاملة، نافعة، وناجحة.
ففي تلك الليلة سينفض الناس و تتحمل هي مع زوجها تلك الجبال من الديون مما ستعض الفتاة أصابع الندم عندما تود شراء متطلبات الحياة الأساسية و لن تجد مفرا من بيع بعض ذهبها لشراء كيس الأرز هذا إذا كانت عاقلة و أرادت الحفاظ على بييتها أو تعود لبيت أبيها منكسرة ذليلة بما سيقع عليها من نظرة المجتمع و هي السبب فيما حصل لها
وشكرا لك على هذا الموضوع