نورة الرشيد
(إن مهنة التدريس مهنة جليلة يستحق صاحبها منا كل احترام وتقدير، فهي ليست كسائر المهن الأخرى في خطورتها؛ ذلك أنها تتعامل مع الإنسان ونفسه البشرية).
(المعلم هو المحرك الرئيس لمنظومة العمل الميداني التعليمي).
(إن المعلمين والمعلمات هم حماة الثغور ومربو الأجيال وسقاة الغرس وعمار المدارس المستحقون لشكر العباد والثواب من الله يوم الميعاد).ما سبق كانت عبارات جميلة كثيراً ما نسمعها أو نقرؤها كاعتراف بحق المعلم والمعلمة؛ وفي كل عام يحتفل العالم أجمع باليوم العالمي للمعلم؛ وتقوم وزارة التربية والتعليم بمجاراة دول العالم والاحتفال بهذا اليوم بالنشرات والتعاميم، ومن المفترض أن يأتي هذا التكريم تجسيداً لما ينبغي أن يستشعره المجتمع للدور العظيم الذي يقوم به المعلم وللرسالة السامية التي يحملها، ولا يخفى على كل ذي لب ما للتحفيز والتشجيع من دور كبير في رفع المعنويات وزيادة العطاء وتجديد النشاط وتفجير طاقات الإبداع عند كل متميز في جميع المجالات، وللأسف أن القائمين على الوزارة لا يحملون هذه الحقيقة على محمل الجد ولا يدركون آثارها على المجتمع عامة؛ فهناك بون شاسع بين عطاء معلم تقدر جهوده ويحترم إخلاصه ويُثمن إبداعه وعطاء معلم آخر مهما أخلص وأعطى وأبدع وتفانى يرزح تحت وطأة الجحود والنكران والوعود التي تخلف… وخير مثال على هذه الوعود حوافز معلمي ومعلمات الصفوف الأولية والتي كانت تمثل مكافأة لمعلمي ومعلمات هذه الصفوف على جهودهم العظيمة في التعامل مع هذه الفئة العمرية الصغيرة وحافزاً لهم لمزيد من العطاء والتنافس في أداء المهمة.
لقد حُرم المعلمون والمعلمات من هذه الحوافز منذ العام الماضي بدون إبداء أسباب؛ والحقيقة أن المعلمين والمعلمات يقفون موقف دهشة من الغموض الذي يكتنف علاقتهم بوزارتهم فالمعلم ما بين أخذ ورد وما بين مد وجزر مما جعله يعيش دوامة لا تنتهي.
ولقد صرح سمو الوزير عن رغبة الوزارة بمد جسور المودة مع المعلمين والمعلمات ولعل عودة حوافز معلمي الصفوف الأولية هي أول خطوة لمد هذه الجسور؛ فمن الظلم والإجحاف مقارنة معلمي هذه الصفوف وبالذات معلم الصف الأول بغيرهم من المعلمين؛ والجميع يدرك ما يجده معلم هذه المرحلة من تعب وعناء ونصب وبذل جهد مضاعف وصبر على الأطفال الذين جاءوا من أحضان أسرهم تتفاوت عاداتهم ونفسياتهم ويتولى المعلم (المعلمة) مهمات عدة منها:
مساعدتهم على الانسجام مع أقرانهم في المدرسة وإزالة رهبة المكان والبعد عن أسرهم، وتعويدهم على الانضباط في الطابور والفصل، تعويدهم مسك القلم واستخدام الكتب والدفاتر، مساعدتهم على التكيف مع الأجواء التعليمية (يوم دراسي، حصص، فسحة…) ولا ننسى ما يوفره طيب الذكر – معلم الصفوف الأولية – من هدايا ووسائل وأجهزة من أجل توفير بيئة صفية لتلاميذه.
بعد هذا كله نظن أنه ليس من العدل أن يحرم معلمو ومعلمات الصفوف الأولية من هذه الحوافز وتكليفهم بالملاحظة في المدارس المتوسطة والثانوية وكأنما يعاقبون على إخلاصهم طوال العام الدراسي بالقيام بأعمال غيرهم.
نتمنى من القائمين على الوزارة إنصاف معلمي هذه المرحلة وتقدير جهودهم ودعمهم بإعادة هذه الحوافز.
ختاماً: أتمنى من المعلمين والمعلمات أن يتذكروا أنهم يحملون أمانة في أعناقهم وليس هناك أنبل هدفاً ولا أعمق أثراً من مهنتهم وأن الإخلاص في العمل بالتعليم لا ينقطع أجره ولعل الله سبحانه يقيض لأبنائهم الذين من أصلابهم أمر صلاح وتقوى من ثمار إخلاصهم وأن يثقل ميزان حسناتهم في يوم لا ينفع مال ولا بنون، فلا تدري لعل ما يثقله ذلك اليوم حسن تعاملك مع الطلاب أو رفقك بهم ورحمتك لهم واقتداؤيهم بطيب خُلقك وجميل صفاتك.